ماهو الفرق بين الحراسة القضائية و الحجز التحفظي؟
تعتبر الحراسة القضائية والحجز التحفظي أحد الإجراءات الاحترازية المتبعة في القانون السعودي في حال وجود نزاع قانوني بين عدة أطراف على مال أو عقار أو منقول بعينه. فهي من الأفعال المساندة للعدالة القضائية، لحماية حقوق المتقاضين من التلف أو الضرر. حيث يتم ذلك من خلال فرض الحماية المؤقتة على هذا العقار أو المال المتنازع فيه. والذي قد تعارضت فيه بيِّنات التملك بين أطراف النزاع، ويقع تحت خطورة تهديد مدة سير الدعوى أمام القضاء، وعليه يتم وضعه بأيدٍ أمينة حتى الفصل في دعواه. لذلك حرصنا من خلال هذا المقال على أن نبين أوجه الفرق بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي من حيث الحالات القانونية التي تمر بها.
ما مفهوم الحراسة القضائية والحجز التحفظي؟
قبل أن نشرع في توضيح أوجه الشبه والفرق بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي، علينا أن نوضح مفهوم كل منهما، لنحدد الفروقات الجوهرية بينهما بصورة دقيقة، بحسب الأوجه القانونية المعروفة.
تعريف الحراسة القضائية: تعتبر إجراءاً تحفظياً مؤقتاً، يأمر به القاضي بناءاً على الطلب المقدم من أصحاب المصلحة إلى أن تثبت أحقيته لأحد أطراف هذه القضية. ويتمثل ذلك بوضع عقار أو منقول أو مال فيه نزاع قائم، والحق فيه غير ثابت لأحد الأطراف، تحت الحراسة القضائية، لادارته بشكل قانوني يحفظه من الضياع أو التلف، أو ضياع ريعه.
تعريف الحجز التحفظي: فهو إجراءٌ احترازي يأمر به القاضي، بناءاً على طلب الدائن، ويقع على أموال المدين بغرض منعه من تهريب أمواله أو التصرف بها بالصورة المادية أو القانونية على حدٍ سواء. وطبيعة الأمر فيه يأتي من المحكمة الابتدائية، التي يقع في نطاقها موقع المال، ولا يختص بهذا الأمر قاضي الأمور المستعجلة، وذلك لأنها يتم ادراجها تحت نظام الأوامر المؤقتة، بموجب السلطة المخولة لرئيس المحكمة الابتدائية، أو القاضي المختص بالدعوى.
والآن قبل المباشرة في أوجه الإختلاف بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي، علينا أولاً أن نوضح أوجه الاتفاق بينهما، لذلك تابعوا معي.
ما أوجه الاتفاق بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي؟
يتفق كلاً من الحراسة القضائية والحجز التحفظي في أمرين أساسيين، نُبينْهما على النحو التالي:
من حيث وقتية الإجراء وعدم المساس بأصل الحق:
كما ذكرنا سابقاً كلا الإجرائين تحفظين يحققان الغرض منها، ألا وهو ضرورة المحافظة على حقوق ذوي الشأن، بشرط عدم المساس بأصل الحق، أو الفصل فيه بشكل قطعي. لذا هما أمران قضائيان يؤديان الأمر الذي استلزم وجودهما فيه إلى النهاية التي تتطلبها طبيعتهما الوقتية، ويزول هذا الأمر بزوال الحجة أو الحاجة التي دفعت إلى اتخاذ هذين الأمرين القضائيين.
من حيث الخطر الذي يوجب اتخاذ الإجراء التحفظي:
كلاً من الحراسة القضائية والحجز التحفظي يشتركان في أصل الشرط الجوهري لقبول الطلب، وهو الاستعجال الذي يبرر هذا الإجراء القضائي، المتمثل في الضرر الذي قد يهدد مصلحة الطالب، في ترك هذا المال، أو المنقول، أو العقار تحت يد من يحوز المال. وتحدده المحكمة من طبيعة الحق المطالب به في وقائع الدعوى والمستندات، وفقاً للظروف المحيطة بالدعوى. وعليه تقدر المحكمة الخطر الموجب لاتخاذ الإجراء القانوني الأنسب في هذه المسألة الموضوعية. والذي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، ليصل بعد ذلك للنتيجة التي انتهى إليها وفقاً للأسباب السائغة التي حددها.
ماهو الفرق بين الحراسة القضائية و الحجز التحفظي؟
إن كنا قد ذكرنا الشبه بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي، فعلينا الآن أن نوضح الفرق بينهما، وتأتي الفروقات بحسب أوجه الإختلاف على النحو التالي:
من حيث الإجراءات والمحكمة المختصة:
كما أسلفنا بالذكر سابقاً في تعريف الحجز التحفظي، فإن الإجراءات فيه تتم بأمر من المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدين، أو موقع المال. فلا يختص بهذا الأمر القضائي قاضي الأمور المستعجلة، وذلك لأنه غير مُدرج تحت نظام الأوامر الوقتية، كما أن السلطة القانونية مخولة بالأساس لرئيس المحكمة الإبتدائية، أو القاضي المختص الذي أوكل إليه الطلب الخاص بالدعوى الأصلية.
أما على صعيد الحراسة القضائية لا تتم إلا بدعوى، ويختص بفرضها قاضي الأمور المستعجلة إن كانت بدعوى مستقلة حصراً. أو محكمة الموضوع إن رفعت تبعاً لدعْوى موضوعية، أو محكمة الاستئناف على وجه الاستثناء في حال كان النزاع مرفوع أمامها. أو من الممكن أن يفرضها قاضي التنفيذ وهو المختص بفرضها على الأموال المحجوزة حسب نظام التنفيذ ولائحته.
من حيث النزاع المبرر للحراسة القضائية:
حتى يتم إصدار الأمر بالحجز التحفظي، يفترض أن يكون الدين محقق الوجود، خالٍ من النزاع الجدي. أما فيما يخص حكم الحراسة القضائية. إذ يجب أن يكون هناك نزاع ظاهر حتى توضع الأشياء المتنازع عليها – محل النزاع – تحت الحراسة، بشرط أن يكون النزاع جدياً وصحيحاً، تؤكده ظروف الحالة، وظاهر المستندات المقدمة. ولكن لا يشترط لوجود النزاع أن ترفع به دعوى أمام محكمة الموضوع.
من حيث المصلحة:
فيما يخص وجه الإختلاف بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي من حيث المصلحة منه، فالواجب من القاضي أن يأمر بالحراسة القضائية مصلحة لذوي الشأن. ولا يشترط أن تحدد ملامح المصلحة أو نوعها وهي بهذا الوضع، فلا يلزم أن تكون مصلحة مادية بل من الممكن أن تكون مصلحة أدبية. كذلك الحال لا يشترط بأن تكون المصلحة محققة، إذ من الممكن أن تكون محتملة وذلك تفادياً لوقوع أي ضرر محقق.
أما الحجز التحفظي فإنه لا يجوز إجراؤه بموجب مصلحة أدبية للدائن يرغب بتحقيقها.
من حيث محل النزاع:
يشترط في الحجز التحفظي أن يكون على المال، أو المنقول أو العقار، بشرط أن يكون له قيمة مالية، ومملوكاً للمالك حصراً، وللمالك حرية التصرف فيه، وأخيراً أن يكون ملكاً للمالك ويجوز الحجز عليه. أما الحراسة القضائية، فإن محل النزاع هنا هو أن يوضع كل مال أو عقار أو أي حق له قيمته المالية تحت الحراسة بشرط أن يكون قابلاً للتعامل فيه، فالأموال لا يمكن إدارتها من قبل الغير، بالإضافة إلى أن يكون المال متقوماً، كما لا يجوز وضع المال تحت الحراسة إن كان تحت اليد.
من حيث استمرارية الإجراء:
لقد ذكرنا آنفاً بأن الحراسة القضائية عبارة عن إجراء وقتي، ولا يُعني ذلك بأن مدتها قصيرة، وإنما قد تستمر لفترة طويلة، حيث تبقى الحالة القانونية طالما لم يتم التوصل لحل أو حكم نهائي يقتضي بمنح الحق لأحد الأطراف المتنازعة في الموضوع. فيظل الحال قائماً طالما يواجه حفظ حالة قانونية لا زالت قائمة بدون مساس بموضوع النزاع، أو أصل الحق. لذلك تجد القاضي يؤكد مدة الحراسة القضائية بالأجل الذي تنتهي فيه المنازعة، أو بصدور الحكم الموضوعي. أو من الممكن انتهاؤها بانتهاء أجل الحراسة الذي تم تحديده لحين الحكم بالموضوع، أو قد تنتهي بالاتفاق بين الخصوم على إنهائها.
أما بالنسبة للحجز التحفظي فإنه يسقط في مدة ثلاثة أيام، إذا لم يعلن الأمر به، أو إذا لم ترفع دعوى بصحة الحجز خلال ثمانية أيام.
بعد أن تعرفنا على الفرق بين الحراسة القضائية والحجز التحفظي، أبرز أوجه الشبه والإختلاف بينهما، وجب علينا أن نذكر مصطلح الحارس القضائي، وما يترتب عليه من أمور.
ما تعريف الحارس القضائي وما الأمور الموجبة عليه؟
وهي الحراسة التي يتم إقرارها من قبل القضاء المستعجل، أو القضاء العادي، وهو مصطلح شائع بين الناس، للاطمئنان على سريان قرارات القضاء بصورة سليمة، لاعتقادهم بأن الكلمة الفصل هي الأكثر إلزاماً للأطراف لصدورها من سلطة مختصة بإصدارها، وقوتها القانونية تعلو على أية عقود اتفاقية.
ومن هنا جاء مصطلح الحارس القضائي، وهو الذي يولى إليه حكم الحراسة بموجب قرار المحكمة، ومن الممكن أن يكون فرداً من العائلة متفق عليه من كافة الأطراف، أو قد يكون شخصاً تولي له المحكمة هذا الأمر، وعليه يكون له حقاً أساسيا بالمطالبة براتب يُقدر من المحكمة أو من أطراف القضية. وهذا غالباً إن كان من خارج العائلة، ولكن إن كان من العائلة فيمكنه التنازل عن مستحقاته.
وعليه يكون على الحارس القضائي المكلف بادارة الأموال أمرين موجبين، وهما:
أن يقدم تقريراً دورياً كل شهر على سبيل المثال، يبين فيه الأعمال التي قام بها، والمبالغ التي وردت، والنفقات التي صدرت، وهي على سبيل حفظ الشيء الموضوع تحت الحراسة والإدارة.
أن يودع المبالغ النقدية التي وردت عليه من محل النزاع لأحد المصارف المقبولة في الدولة. على أن يودعها باسمه كحارس قضائي، إذ تعتبر مسؤوليته كحارس قضائي هي ذات مسؤولية الوديع المأجور.
في نهاية المقال أن ما يمكن تلخيصه للقارئ أن فهم الإجراءات القضائية باتت من الأمور الملحة في ظل طغيان مظاهر الحياة المادية على حياة الناس، ما سبب كثرة النزاعات بين الشركاء والورثة، وسبب ضعف الوعي الحقوقي بين أفراد المجتمع. وهو ما قد يسبب ضعف الترابط المجتمعي في المملكة العربية السعودية. آملين أن يشد أزر قلوب شعبنا العظيم، ويوفقهم ابتغاء الحق وطريقه.